الجمعة، 4 يونيو 2010

أحاث فتح مكة المكرمة

فتح مكة المكرمة
سبب الغزوة
لمّا صالح رسول الله(صلى الله عليه وآله) قريشاً عام الحُديبية (6ﻫ)، دخلت خزاعة في حلف النبي(صلى الله عليه وآله) وعهده، ودخلت كنانة في حلف قريش.
فلمّا مضت سنتان من القضية قعد رجل من كنانة يروي هجاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا، قال: وما أنت وذاك؟ فقال: لئن أعدت لأكسرنّ فاك، فأعادها، فرفع الخزاعي يده فضرب بها فاه، فاستنصر الكناني قومه، والخزاعي قومه، وكانت كنانة أكثر، فضربوهم حتّى أدخلوهم الحرم وقتلوا منهم، وأعانتهم قريش بالكراع والسلاح، فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فخبرّه الخبر، وقال أبيات شعر، منها:
يا رب أنّي ناشد محمّداً ** حلف أبينا وأبيه الأتلدا
أنّ قريشاً أخلفوك الموعدا ** ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
وقتلونا ركّعاً وسجّدا
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «حسبك يا عمرو»، ثمّ قام فدخل دار ميمونة وقال: «اسكبوا لي ماء» فجعل يغتسل ويقول: «لا نُصرت إن لم أنصر بني كعب».
ثمّ أجمع رسول الله(صلى الله عليه وآله) على المسير إلى مكّة، وقال: «اللّهمّ خذ العيون عن قريش حتّى نأتيها في بلادها»(1).
مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة
كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ وكان من أهل مكّة وقد شهد بدراً مع رسول الله(صلى الله عليه وآله)ـ مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش: إنّ رسول الله خارج إليكم يوم كذا وكذا.
وجعل لها جعلاً على أن توصله إليهم، فجعلته في رأسها، فخرجت وسارت على غير الطريق، فنزل الوحي على النبي(صلى الله عليه وآله) فأخبره، فدعا الإمام عليّاً(عليه السلام)، وقال له: «إنّ بعض أصحابي كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، وقد كنت سألت الله عزّ وجلّ أن يعمي أخبارنا عليهم، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق، فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها وخلِّ سبيلها».
ثمّ استدعى الزبير بن العوام فأرسله معه، فأدركا المرأة، فسبق إليها الزبير فسألها عن الكتاب فأنكرته، وحلفت أنّه لا شيء معها وبكت، فقال الزبير: ما أرى يا أبا الحسن معها كتاباً، فارجع بنا إلى رسول الله لنخبره ببراءة ساحتها.
فقال له الإمام علي(عليه السلام): «يخبرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها وتقول أنت أنّه لا كتاب معها»!!
ثمّ أخرج(عليه السلام) سيفه وتقدّم إليها فقال: «أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك، ثمّ لأضربنّ عنقك»، فقالت له: فاعرض بوجهك عنّي، فاعرض بوجهه عنها، فكشفت قناعها، وأخرجت الكتاب من عقيصتها ـ أي ضفيرتها ـ، فأخذه(عليه السلام) وسار به إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2).
خطبة النبي(صلى الله عليه وآله) في مسجده
أمر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يُنادى: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس حتّى امتلأ بهم المسجد، ثمّ صعد المنبر والكتاب بيده وقال: «أيّها الناس، أنّي كنت سألت الله أن يخفي أخبارنا عن قريش، وأنّ رجلاً منكم كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا، فليقم صاحب الكتاب وإلّا فضحه الوحي»، فلم يقم أحد.
فأعاد مقالته ثانية، فقام حاطب بن أبي بلتعة ـ وهو يرتعد كالسعفة في يوم الريح العاصف ـ فقال: أنا يا رسول الله صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقاً بعد إسلامي، ولا شكّاً بعد يقيني.
فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): «فما الذي حملك على ذلك»؟ قال: إنّ لي أهلاً بمكّة، وليس لي بها عشيرة، فأشفقت أن تكون الدائرة لهم علينا، فيكون كتابي هذا كفّاً لهم عن أهلي، ويداً لي عندهم، ولم أفعل ذلك لشك منّي في الدين.
فقال عمر بن الخطّاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فوالله لقد نافق، فقال(صلى الله عليه وآله): «إنّه من أهل بدر، ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم، أخرجوه من المسجد».
فجعل الناس يدفعون في ظهره، وهو يلتفت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ليرّق عليه، فأمر بردّه وقال: «قد عفوت عن جرمك فاستغفر ربّك، ولا تعد لمثل هذه ما حييت»(3).
خروج النبي(صلى الله عليه وآله) من المدينة
خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) في 2 شهر رمضان 8ﻫ من المدينة المنوّرة مع جيشه وقوّاته إلى فتح مكّة المكرّمة. وقيل: خرج في 10 شهر رمضان، واستخلف على المدينة أبا لبابة ابن عبد المنذر، وقيل: استخلف أبا ذر الغفاري، وقيل: عبد الله بن أُمّ مكتوم.
تعداد جيش النبي(صلى الله عليه وآله)
بعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى من حوله من العرب، فمنهم من وفاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق، وخرج(صلى الله عليه وآله) في عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار ومن انضمّ إليهم في الطريق من الأعراب، وجلّهم أسلم وغفّار ومُزينة وجهينة وأشجع وسليم... وكان المهاجرون سبعمائة، ومعهم ثلاثمائة فرس، والأنصار أربعة آلاف، ومعهم خمسمائة فرس، ومزينة ألف وثلاثة أنفار، وفيها مائة فرس، وأسلم أربعمائة ومعها ثلاثون فرساً، وجهينة ثمانمائة، وقيل ألف وأربعمائة، والباقي من سائر العرب؛ تميم وقيس وأسد وغيرهم.
لقاء النبي(صلى الله عليه وآله) بأبي سفيان في الطريق
لمّا نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مرَّ الظَّهران، وقد غُمّت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) خبر، خرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء؛ يتجسّسون الأخبار.
قال العباس: فوالله إنّي لأطوف في الأراك؛ ألتمس ما خرجت له، إذ سمعت صوت أبي سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء، وسمعت أبا سفيان يقول: والله ما رأيت كالليلة قطّ نيراناً.
فقلت: يا أبا حنظلة ـ يعني أبا سفيان ـ، فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم، قال: لبّيك فداك أبي وأُمّي، ما وراك؟ فقلت: هذا رسول الله وراءك قد جاء بما لا قِبَل لكم به، بعشرة آلاف من المسلمين! قال: فما تأمرني؟
فقلت: تركب عجز هذه البغلة، فأستأمن لك رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فوالله لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك. فردفني، وركضت البغلة حتّى وصلت خيمة النبي.
فقلت: يا رسول الله، إنّي قد أجرته، فقال(صلى الله عليه وآله): «اذهب فقد آمناه حتّى تغدو به عليّ في الغداة».
قال: فلمّا أصبح غدوت به على رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فلما رآه قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي ما أوصلك وأكرمك وأرحمك وأحلمك! والله لقد ظننت أن لو كان معه إله لأغنى يوم بدر ويوم أُحد.
فقال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول الله»؟ فقال: بأبي أنت وأُمّي، أمّا هذه فإنّ في النفس منها شيئاً!!
قال العباس: فقلت له: ويحك! اشهد بشهادة الحقّ قبل أن يضرب عنقك. فتشهّد.
فقال(صلى الله عليه وآله) للعباس: «انصرف يا عباس فاحبسه عند مضيق الوادي حتّى تمرّ عليه جنود الله».
قال: فحبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي، ومر عليه القبائل قبيلة قبيلة وهو يقول: من هؤلاء؟ وأقول: أسلم، وجهينة، وفلان، حتّى مرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الكتيبة الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد، لا يُرى منهم إلّا الحدق.
فقال: من هؤلاء يا أبا الفضل؟ قلت: هذا رسول الله(صلى الله عليه وآله) في المهاجرين والأنصار، فقال: يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً! فقلت: ويحك إنّها النبوّة، فقال: نعم إذاً!
وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسولَ الله(صلى الله عليه وآله)، وأسلما وبايعاه فلمّا بايعاه، بعثهما رسول الله(صلى الله عليه وآله) بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الإسلام.
قال العباس: قلت: يا رسول الله، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر فاجعل له شيئاً يكون في قومه، فقال: «من دخل دار أبي سفيان ـ وهي بأعلى مكّة ـ فهو آمن، ومن دخل دار حكيم ـ وهي بأسفل مكّة ـ فهو آمن، ومن أغلق بابه وكف يده، فهو آمن»(4).
رجوع أبي سفيان إلى مكّة
قال العباس لأبي سفيان: الحق الآن بقومك فحذّرهم. فخرج أبو سفيان سريعاً حتّى أتى مكّة، فصرخ في المسجد: يا معشر قريش، هذا محمّد قد جاءكم بما لا قِبَل لكم به، قالوا: فمه، قال: من دخل داري فهو آمن، قالوا: وما تغني عنّا دارك، قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن.
فقامت إليه زوجته هند بنت عتبة أُمّ معاوية، فأخذت بلحيته ونادت: يا آل غالب اقتلوا هذا الشيخ الأحمق، هلاّ قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم؟ فقال لها: ويحك أسلمي وادخلي بيتك. وقال: لا تغرنّكم هذه من أنفسكم، فقد جاءكم ما لا قِبَل لكم به(5).
دخول النبي(صلى الله عليه وآله) مكّة المكرّمة
أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) الزبير أن يدخل مكّة من أعلاها، فيغرز رايته بالحجون، وأمر خالد بن الوليد أن يدخل من أسفل مكّة، ونهى عن القتال إلّا لمن قاتلهم، ودخل هو(صلى الله عليه وآله) من أعلى مكّة، وكانت الراية مع سعد بن عبادة.
وقد غلظ سعد بن عبادة على القوم، وأظهر ما في نفسه من الحنق عليهم، فدخل وهو يقول:
اليوم يوم الملحمة ** اليوم تُسبى الحرمة.
فسمعها العباس فقال للنبي(صلى الله عليه وآله): أما تسمع يا رسول الله ما يقول سعد؟ وإنّي لا آمن أن يكون له في قريش صولة.
فقال النبي(صلى الله عليه وآله) لعلي(عليه السلام): «أدرك سعداً فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها مكّة»، فأدركه علي(عليه السلام) فأخذها منه .
ودخل رسول الله(صلى الله عليه وآله) مكّة على ناقته القصواء واضعاً رأسه الشريف على الرحل؛ تواضعاً لله تعالى، ثمّ قال: «اللّهمّ أنّ العيش عيش الآخرة»، فقيل له: يا رسول الله، ألا تنزل دارك؟
فقال: «وهل أبقى عقيل لنا داراً»، ثمّ ضُربت له قبّة في الأبطح فنزل فيها، ومعه زوجتاه أُمّ سلمة وميمونة(6).
دخول النبي(صلى الله عليه وآله) إلى المسجد الحرام
أقبل(صلى الله عليه وآله) إلى الكعبة فاستلم الحجر الأسود، وطاف بالبيت على راحلته، وعلى الكعبة. وفي رواية حولها ثلاثمائة وستون صنماً، لكلّ حي من أحياء العرب صنم، فجعل كلّما يمرّ بصنمٍ منها يشير إليه بقضيب في يده، ويقول: )جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا((7).
فما أشار لصنم من ناحية وجهه إلّا وقع لقفاه، ولا أشار لقفاه إلّا وقع لوجهه حتّى مرّ عليها كلّها، وكان أعظمها هُبل.
وكان المقام لاصقاً بالكعبة، فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ أمر به فوضع في مكانه.
ثمّ جلس ناحية من المسجد، وأرسل بلالاً إلى عثمان بن طلحة أن يأتي بمفتاح الكعبة، فجاء به ففتح رسول الله(صلى الله عليه وآله) باب الكعبة، وصلّى فيها ركعتين وخرج، فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه.
فخطب الناس فقال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يُدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلّا سدانة البيت وسقاية الحاجّ، فإنّهما مردودتان إلى أهليهما».
ثمّ قال: «يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خُلق من تراب»، ثمّ تلا: )يَا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ((8).
ثمّ قال: «يا معشر قريش ويا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم»؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: «اذهبوا فانتم الطلقاء». فأعتقهم وقد كان أمكنه الله من رقابهم عنوة، فبذلك سُمّوا الطلقاء.
ثمّ دعا بعثمان بن طلحة فردّ إليه مفتاح الكعبة، وقال: خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلّا ظالم. وانتقلت سدانة الكعبة بعد عثمان إلى أخيه شيبة، ثمّ توارثها أولاده إلى اليوم.
ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطّلب وكانت لأبيه عبد المطّلب، ثمّ قام بها بعد العباس ابنه عبد الله، وهي أحواض من جلد يوضع فيها الماء العذب لسقاية الحاجّ، ويُطرح فيها التمر والزبيب في بعض الأوقات.
وحانت صلاة الظهر، فأذّن بلال فوق ظهر الكعبة، وبثّ(صلى الله عليه وآله) السرايا إلى الأصنام التي حول مكّة فكسرها، ونادى مناديه: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلّا كسره، وأتى الصفا يدعو الله تعالى ويذكره.
فقال الأنصار فيما بينهم: أترون أنّ رسول الله إذ فتح الله أرضه وبلده يقيم بها، فلمّا فرغ من دعائه قال: «معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم»(9).
عفو النبي(صلى الله عليه وآله) عن أهل مكّة
أمر(صلى الله عليه وآله) بقتل جماعة ولو كانوا تحت أستار الكعبة، قيل: ستّة رجال وأربع نساء، وقيل أحد عشر رجلاً، فمن الرجال:
عبد الله بن أبي سرح، كان قد أسلم فارتدّ مشركاً، ففرّ إلى عثمان، وكان أخاه من الرضاعة فغيّبه، ثمّ أتى به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فاستأمن له، فصمت(صلى الله عليه وآله) طويلاً، ثمّ قال: «نعم»، فلمّا انصرف به قال(صلى الله عليه وآله): «لقد صمتّ ليقوم إليه بعضكم فيقتله»، فقال أنصاري: هلا أومأت إليّ؟ قال: «إنّ النبي لا يقتل بالإشارة».
وعبد الله بن خطل، كان قد أسلم فبعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله) مصدّقاً، وكان معه مولىً مسلم يخدمه، فأمر المولى أن يذبح له تيساً ويصنع له طعاماً، فاستيقظ ولم يصنع له شيئاً، فعدا عليه فقتله، وارتدّ مشركاً، وكان شاعراً يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، قتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي، اشتركا في دمه.
والحويرث بن نقيد كان يؤذيه بمكّة، قتله علي بن أبي طالب(عليه السلام).
ومقيس بن صبابة، كان له أخ يُسمّى هشام، قتله رجل من الأنصار خطأً في غزوة ذي قرد وهو يظنّه من العدوّ، فأعطاه النبي(صلى الله عليه وآله) ديّته، ثمّ عدا على قاتل أخيه فقتله، ورجع إلى قريش مرتدّاً، قتله نميلة بن عبد الله وهو رجل من قومه.
وعكرمة بن أبي جهل، هرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أُمّ حكيم بنت عمّه الحارث بن هشام، فاستأمنت له رسول الله(صلى الله عليه وآله) فآمنه، فخرجت في طلبه حتّى أتت به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأسلم.
ووحشي قاتل حمزة(رضي الله عنه)، استؤمن له فآمنه، وقال: «لا تريني وجهك»، فمات بحمص، وكان لا يزال سكران.
وكعب بن زهير بن أبي سلمى، كان يهجو رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هرب فاستؤمن له فآمنه.
وهبار بن الأسود، الذي روّع زينب بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله).
والحارث بن هشام أخو أبي جهل لأبويه، وزهير بن أُميّة، وصفوان بن أُميّة، وهؤلاء أسلموا فعفا عنهم.
ومن النساء:
هند بنت عُتبة أسلمت وبايعت، وقينتان لعبد الله بن خطل ـ فرتنا وقريبة ـ كانتا تغنّيان بهجاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذي يصنعه لهما، فقُتلت قريبة وهربت فرتنا، فاستؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فآمنها، فعاشت إلى خلافة عثمان.
وسارة مولاة عمرو بن هاشم بن عبد المطّلب قُتلت يومئذٍ، وقيل استؤمن لها رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأوطأها رجل فرسه في خلافة عمر بالأبطح فقتلها(10).

الاثنين، 31 مايو 2010

خطبة لفتح مكة للشيخ مازن التويجري


فتح مكة
مازن التويجري

ملخص الخطبة
1- قريش تنقض شروط صلح الحديبية. 2- أبو سفيان يحاول تجديد الصلح. 3- قصة كتاب حاطب إلى قريش. 4- إسلام أبي سفيان بن الحارث. 5- رسول الله يفتح مكة. 6- بعض ما جرَ من بعد فتح مكة.

الخطبة الأولى


أما بعد:
كان من بنود غزوة الحديبية أن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه, ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه, وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزءًا منه, فأي عدوان عليها هو عدوان على من دخلت في عهده وعقده.
ودخلت خزاعة في عهد النبي , ودخلت بنو بكر في عهد قريش, وقد كانت الحروب والعداوات بينهما منذ غابر الأزمان, فأضحت كل واحدة في أمن من الأخرى, ولكن حصل غدر من بني بكر, فخرج نوفل بن معاوية في جماعة معه في شهر شعبان للسنة الثامنة من الهجرة فأغاروا على خزاعة ليلاً, وهم على ماء يقال له الوتير, فأصابوا منهم رجالاً, وتناوشوا واقتتلوا, وأعانت قريش بني بكر بالسلاح, بل وقاتل رجال منهم مع بني بكر مستغلين ظلمة الليل, حتى حازوا خزاعة إلى الحرم فقالت بنو بكر: يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم: إلهك إلهك. فقال: لا إله اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم, فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم, أفلا تصيبون ثأركم فيه.
وانطلق عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله في المدينة مستغيثًا ومستنجدًا فقال له عليه السلام: ((نصرت يا عمرو بن سالم)) ثم عرضت له سحابة من السماء فقال: ((إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب)).
وسرعان ما أحست قريش بخطأها وغدرها, فخافت من عواقبه الوخيمة, فبعثت قائدها أبا سفيان ليجدد الصلح, وقد أخبر رسول الله أصحابه بما ستفعل قريش إزاء غدرتهم فقال: كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة, ودخل أبو سفيان المدينة فدخل على ابنته أم المؤمنين أم حبيبة, فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله طوته عنه, فقال: يا بنية, أرغبت بي عن هذا الفراش, أم رغبت به عني؟ قالت: بل هذا فراش رسول الله , وأنت رجل مشرك نجس, فقال: والله لقد أصابك بعدي شر, ثم خرج حتى أتى رسول الله فكلمه فلم يرد عليه شيء, ثم ذهب إلى أبي بكر ليكلم رسول الله فقال: ما أنا بفاعل, ثم أتى عمر فكلمه, فقال: أأنا أشفع لكم إلى رسول الله , فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به, ثم جاء عليًا فقال: إنك أمس القوم بي رحمًا, وإني قد جئت في حاجة, فلا أرجعن كما جئت خائبًا, اشفع لي إلى محمد, فقال: ويحك يا أبا سفيان, لقد عزم رسول الله على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه, حينها أظلمت الدنيا في عيني أبي سفيان, فعاد أدراجه إلى مكة لم يصب مطلوبه, وبعد ذلك تجهز النبي وأمر الصحابة بالجهاز, وأعلمهم أنه سائر إلى مكة, وقال: ((اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها)) وزيادة في الإخفاء بعث سرية بقيادة أبي قتادة بن ربعي إلى بطن إضم على ثلاثة برد من المدينة في أول شهر رمضان سنة ثمان للهجرة, ليظن الظان أنه يتوجه إلى تلك الناحية ولتذهب بذلك الأخبار
[1].
وكتب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى قريش كتابًا يخبرهم بمسير رسول الله إليهم ثم أعطاه امرأة وجعل لها جعلاً على أن تبلغه قريشًا, فجعلته في قرون رأسها, ثم خرجت به، وأتى الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث رسول الله عليًا والمقداد فقال: انطلقا حتى تأتيا روضة خاخ, فإن بها ظعينة معها كتاب إلى قريش, فانطلقا يسابقان الريح حتى وجد المرأة بذلك المكان, فاستنزلاها, وقالا: معك كتاب قالت: ما معي كتاب, ففتشا رحلها فلم يجدا شيئًا, فقال علي: أحلف بالله ما كذب رسول الله 4 ولا كذبنا, والله لتخرجن الكتاب أو لنجردنك, فلما رأت الجد منه قالت: أعرض, فأعرض, فحلت قرون رأسها فأخرجت الكتاب فدفعته إليهما، فأتيا به رسول الله فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش، يخبرهم بمسير رسول الله إليهم, فدعا رسول الله حاطبًا, فقال: ((ما هذا يا حاطب؟)) قال: لا تعجل عليَّ يا رسول الله, والله إني لمؤمن بالله ورسوله, وما ارتددت ولا بدلت, ولكني كنت امرأ ملصقًا في قريش لست من أنفسهم, ولي فيهم أهل وعشيرة وولد, وليس لي فيهم قرابة يحمونهم, وكان من معك لهم قرابات يحمونهم, فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، فقال عمر بن الخطاب: دعني يا رسول الله أضرب عنقه, فإنه قد خان الله ورسوله, وقد نافق, فقال رسول الله : ((إنه قد شهد بدرًا, وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم))
[2], فذرفت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم أخرجه البخاري.
وهكذا أخذ الله العيون, فلم يبلغ إلى قريش خبر خروج المسلمين إليهم, ولعشر خلون من شهر رمضان للسنة الثامنة من الهجرة غادر رسول الله المدينة متجهًا إلى مكة, في عشرة آلاف من الصحابة, ولما كان في الجحفة أو فوق ذلك لقيه عمه العباس بن عبد المطلب, وكان قد خرج بأهله وعياله مسلمًا مهاجرًا.
ثم لما كان رسول الله بالأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية, فأعرض عنهما, لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى والهجر, فقالت له أم سلمة: لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك, وقال علي لأبي سفيان: ائت رسول الله من قبل وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف: تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين [يوسف: 91] فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه قولاً, ففعل ذلك أبو سفيان فقال له رسول الله : لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين [يوسف:92]. فأنشده أبو سفيان:
لتغلب خيل اللات خيل محمد
لعمرك إني حين أحمل راية
فهذا أواني حين أهدى فأهتدي
لكا لمدلج الحيران أظلم ليله
على الله من طردته كل مطرد
هداني هاد غير نفسي ودلني
فضرب رسول الله صدره وقال: ((أنت طردتني كل مطرد))
[3]. فأسلم وحسن إسلامه, ويقال: إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله منذ أسلم حياء منه, وكان رسول الله يحبه, وشهد له بالجنة.
وواصل رسول الله سيره وهو صائم والناس صيام حتى بلغ الكديد فأفطروا, أفطر الناس ثم واصل حتى بلغ مر الظهران، نزله عشاءً, فأمر الجيش, فأوقدوا النيران, فأوقدت عشرة آلاف نار, وفي الصباح من يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان غادر رسول الله من الظهران إلى مكة, وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بن حرب وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمضيق الوادي عند خطم الجبل, حتى تمر به جنود الله ميراها, ففعل, فمرت القبائل على راياتها, كلما مرت قبيلة قال أبو سفيان: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: قبيلة كذا, فيقول: مالي ولها حتى نفدت القبائل, فمر به رسول الله في كتيبته الخضراء, فيها المهاجرون والأنصار, لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد, قال سبحان الله يا عباس, من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار, فقال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة, ثم قال: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيمًا, قال العباس: يا أبا سفيان, إنها النبوة, قال: فنعم إذن.
ولما مر رسول الله بأبي سفيان قال له العباس: النجاء إلى قومك, فأسرع أبو سفيان بن حرب حتى دخل مكة فصرح بأعلى صوته, يا معشر قريش, هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به, فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن, قالوا: قاتلك الله, وما تغني عنا دارك, قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن, ومن دخل المسجد فهو آمن, فتفرق الناس إلى دورهم وفي المسجد, وتجمع سفهاء قريش وأخفاؤها مع عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين, ونزل رسول الله بذي طوى وكان يضع رأسه تواضعًا حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل, وهناك وزع جيشه فجعل على الميمنة خالد بن الوليد, وفيها: أسلم, وسليم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وقبائل أخرى, فأمره أن يدخل مكة من أسفلها, وقال: إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدًا, حتى توافوني على الصفا.
وجعل على الميسرة الزبير بن العوام وكان معه راية رسول الله فأمره أن يدخل مكة من أعلاها من كداء, وأن يغرز رايته بالحجون, ولا يبرح حتى يأتيه, وكان أبو عبيدة على الرجالة ولا سلاح لهم, فأمره أن يأخذ بطن الوادي, حتى ينصب لمكة بين يدي رسول الله .
وتحركت كل كتيبة, فأما خالد فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه, وأما سفهاء قريش فلقيهم خالد بالخندمة فناوشوهم شيئًا من قتال, فأصابوا منهم اثني عشر رجلاً فانهزم المشركون, وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله الصفا.
وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله بالحجون عند مسجد الفتح, وضرب له هناك قبة, فلم يبرح حتى جاءه رسول الله , ثم نهض رسول الله والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله, حتى دخل المسجد فأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه, ثم طاف بالبيت وفي يده قوس, وحول البيت وعليه ثلاثمائة وستون صنمًا, فجعل يطعنها بالقوس ويقول: وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا [الإسراء:81]. قل جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد [سبأ: 49]. والأصنام تتساقط على وجهها
[4].
بأبي أنت وأمي يا رسول الله, كم من صنم في هذا الزمان يرنو إلى قوسك الطاهر, ويراعك النقي ليخر صريعًا على وجهه في الثرى, أصنام الآراء والأفكار المسعورة, أصنام العلمنة والحداثة, أصنام النعيق والتبعية واللهث وراء الغرب الكافر, ألا كم من صنم في هذا الزمان لا يسجد له ولا يتمسح به, لكنه أشد على الإسلام من ألف صنم وحجر.
وكان طوافه على راحلته, فلما أتمه دعا عثمان بن طلحة, فأخذ منه مفتاح الكعبة, فأمر بها ففتحت فدخلها, فرأى فيها الصور, ورأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يستقسمان بالأزلام, فقال: قاتلهم الله والله ما استقسما بها قط, ورأى في الكعبة حمامة من عيدان فكسرها بيده, وأمر بالصور فمحيت, ثم أغلق عليه الباب ومعه أسامة وبلال.
وصلى في الكعبة ثم دار في البيت وكبر في نواحيه ووحد الله, ثم فتح الباب, وقريش قد ملأت المسجد صفوفًا ينتظرون ماذا يصنع فقال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له, صدق وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده, ألا كل مأثرة أو مال أو دم فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج, ألا وقتيل الخطأ شبه العمد، بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلظة, مأئة من الإبل, أربعون منها في بطونها أولادها, يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء, الناس من آدم, وآدم من تراب, يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير [الحجرات:13]. ثم قال: ((يا معشر قريش, ما ترون أني فاعل بكم؟)) قالوا: خيرًا, أخ كريم وابن أخ كريم, قال: ((فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته لا تثريب عليكم اليوم [يوسف: 92]. اذهبوا فأنتم الطلقاء))
[5].
ثم سأله علي أن يجمع لهم الحجابة مع السقاية, فقال رسول الله : ((أين عثمان بن طلحة؟)) فدعي له فقال له: ((هاك مفتاحك يا عثمان, اليوم يوم بر ووفاء, خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم, يا عثمان: إن الله استأمنكم على بيته, فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف))
[6].


[1] القصة بطولها رواها ابن إسحاق في سيرته (سيرة ابن هشام ح 390 ـ 391).
[2] رواه البخاري ح (3983).
[3] سيرة ابن هشام 4/400 ـ 401
[4] انظر قصة الفتح تمامها في سيرة ابن هشام كما رواها ابن إسحاق (4/400 ـ 405).
[5] رواه ابن إسحاق في سيرته، سيرة ابن هشام (4/412).
[6] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/412).

الخطبة الثانية

وحانت الصلاة, فأمر رسول الله بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة, وأبو سفيان وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة, فقال عتاب: لقد أكرم الله أسيدًا أن لا يكون سمع هذا, فيسمع منه ما يغيظه, فقال الحارث: أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته, فقال أبو سفيان بن حرب: أما والله لا أقول شيئًا, لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصباء, فخرج عليهم رسول الله فقال لهم: ((قد علمت الذي قلتم)), ثم ذكر لهم ذلك, فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله, والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا, فنقول: أخبرك
[1].
ولما كان الغد من يوم الفتح قام رسول الله في الناس خطيبًا, فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله, ثم قال: ((أيها الناس, إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض, فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة, فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا أو يعضد بها شجرة, فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم, وإنما حلت لي ساعة من نهار, وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, فليبلغ الشاهد الغائب))
[2].
ولما تم الفتح قالت الأنصار فيما بينها: أترون رسول الله إذ فتح عليه أرضه وبلده أن يقيم بها, وهو يدعو على الصفا رافعًا يديه, فلما فرغ من دعائه قال: ماذا قلتم؟ قالوا: لا شيء يا رسول الله, فلم يزل بهم حتى أخبروه, فقال رسول الله : ((معاذ الله, المحيا محياكم, والممات مماتكم))
[3].
ثم أخذ رسول الله البيعة على الرجال بالسمع والطاعة فيما استطاعوا, ثم أخذ البيعة على النساء فقال: ((أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا, ولا تسرقن)) فقالت هند بنت عتبة: إن أبا سفيان رجل شحيح فإن أنا أصبت من ماله هنات, فقال أبو سفيان: وما أصبت فهو لك حلال, فضحك رسول الله وعرفها, فقال: ((وإنك لهند)) قالت: نعم, فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك.
فقال: ((ولا يزنين)) فقالت: أوَ تزني الحرة؟ فقال: ((ولا يقتلن أولادهن)) فقالت: ربيناهم صغارًا, وقتلتموهم كبارًا, فأنتم وهم أعلم, فقال: ((ولا يأتين ببهتان)) فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح, وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق, فقال: ((ولا يعصينك في معروف)) فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك, ولما رجعت جعلت تكسر صنمها, وتقول: (كنا منك في غرور)
[4].
ثم أقام عليه السلام بمكة تسعة عشر يومًا يجدد معالم الإسلام, ويرشد الناس إلى الهدى والتقى, وبث سراياه للدعوة إلى الإسلام, ولكسر الأوثان التي حول الكعبة, فكسرت كلها, ونادى مناديه بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنمًا إلا كسره.

[1] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/413).
[2] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/415 ـ 416)، وبعضه في البخاري ح (112).
[3] رواه ابن إسحاق في سيرته (4/416) والخبر رواه مسلم ح (1780).
[4] رواه الطبري في تاريخه (2/161).

المصدر: http://www.alminbar.net

خرائط لفتح مكة المكرمة




























صور لمكة المكرمة











































































































































السبت، 29 مايو 2010

فتح مكة المكرمة

فتح مكة ويسمى أيضاُ الفتح الأعظم [1] هو حدث تاريخي تم فيه فتح مدينة مكة على يد محمد بن عبد الله في 20 رمضان 8 هـ [2] بعد أن هاجر منها، كانت هجرته للمدينة نواة لتأسيس دولته والعمل على العودة لمكة مجددا.لما كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل، دخلت قبيلة خزاعة في عهد الرسول، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وقد كانت بين القبيلتين حروب وثارات قديمة، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم، فأغاروا عليها ليلاً، فاقتتلوا، وأصابوا منهم، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة، وأخبر النبي بغدر قريش وحلفائها.[3]
وأرادت قريش تفادي الأمر، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة لتجديد الصلح مع المسلمين، ولكن دون جدوى ؛ حيث أمر رسول الله المسلمين بالتهيؤ والاستعداد، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة، كما أمر بكتم الأمر عن قريش من أجل مباغتتها في دارها.
[عدل] أهمية مكة
تعتبر مكة عند المسلمين بيت الله، وهي حرام منذ خلق الله السماوات والأرض، لكن الله أحلها إلى رسوله يوم الفتح: "وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحدٍ بعدي، فلا ينفّر صيدُها، ولا يختلي شوكها، ولا تَحِلُّ ساقطتها إلا لمنشد، ومن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفدى وإما أن يقتل ".[4] قال رسول الله عن مكة : " والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منك لما خَرجتُ.[4]
كما أن الصلاة في المسجد الحرام يضاعف أجرها أضعافاً كثيرة حسب الإسلام، " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة ".[4]
[عدل] الاستعداد
بعدها قام الرسول بتجهيز الجيش للخروج إلى مكة فحضرت جموع كبيرة من قبائل جهينة وبني غفار ومزينة واسد وقيس وبني سليم والأنصار والمهاجرين. وقد دعى الرسول الله قائلا: ‏اللّهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها [5]
وقام ابي حاطب بن أبي بلتعة بكتابة كتاب بعث به إلى قريشٍ مع امرأة، يخبرهم بما عزم عليه رسول الله، وأمرها أن تخفي الخطاب في ضفائر شعرها حتى لا يراها أحدٌ. فإذا الوحي ينزل على رسول الله عليه وسلم بما صنع حاطب، فبعث الرسول علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ليلحقا بالمرأة. وتم القبض عليها قبل أن تبلغ مكة، وعثرا على الرسالة في ضفائر شعرها.
فلما عاتب النبي حاطباً اعتذر أنه لم يفعل ذلك ارتداداً عن دينه، ولكنه خاف إن فشل رسول الله على أهله والذين يعيشون في مكة.
فقال عمر : " يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق ". فقال رسول الله :
" إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وكان حاطب ممن حارب مع رسول الله في غزوة بدر. فعفا عنه.
[عدل] مغادرة الجيش المدينة
وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة إلى مكة، في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة رسول الله بعد أن استخلف على المدينة أبو ذر الغفاري. وصلوا " مر الظهران " قريباً من مكة، فنصبوا خيامهم، وأشعلوا عشرة آلاف شعلة نار. فأضاء الوادي. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً. وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله قبل أن يدخل مكة.
[عدل] الفتح
دخل رسول الله مكة من أعلاها وهو يقرأ من القرآن : ((إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)).
رجع أبو سفيانٍ مسرعاً إلى مكة، ونادى بأعلى صوته : " يا معشر قريش، هذا محمدٌ قد جاءكم فيما لا قبل لكم به. فمن دخل داري فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن ". فهرع الناس إلى دورهم وإلى المسجد. وأغلقوا الأبواب عليهم وهم ينظرون من شقوقها وثقوبها إلى جيش المسلمين، وقد دخل مرفوع الجباه. ودخل جيش المسلمين مكة في صباح يوم الجمعة الموافق عشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة.
دخل الجيش الإسلامي كل حسب موضعه ومهامه، وانهزم من أراد المقاومة من قريش، ثم دخل رسول الله المسجد الحرام والصحابة معه، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه.
خاف الأنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة، فقال لهم : (معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم).[6]
[عدل] هدم الأصنام وطمس الصور
بعد الطواف بالكعبة أمر بتحطيم الأصنام المصفوفة حولها وكان عددها ثلاثمائة وستون صنماً مثبتة بالرصاص، فجعل يطعنها ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً } الإسراء : 81 [7]
ثم دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت.روى الأزرقي أنه "جعلت في دعائمها صور الانبياء وصور الشجر وصور الملائكة.فكان فيها صورة إبراهيم خليل الرحمن شيخ يستقسم بالازلام، فأمر بطمس تلك الصور فطمست...، وصلى بها.ثم خرج وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع، فقال : (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟) قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم، قال : (فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه : {لا تثريب عليكم اليوم } اذهبوا فأنتم الطلقاء).وأعاد المفتاح ل عثمان بن طلحة، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن.
[عدل] الخطبة
وفي اليوم الثاني قام رسول الله، وألقى خطبته المشهورة، وفيها : (إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة ،لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر، لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد) رواه البخاري.
[عدل] العفو والبيعة
بايع الناس رسول الله، فقد جلس عند قَرْنِ مَسْقَلة فجاءه الناس الصغار والكبار، والرجال والنساء، فبايعوه على الإيمان، وشهادة أن لا إله إلا الله. وفما فرغ النبي من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا، وعمر بن الخطاب قاعد أسفل منه، فبايعهن عنه، وبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصينه في معروف.
وهناك تقابل العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان. فأخذه العباس بن عبدالمطلب إلى الرسول. بعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام. وقال العباس : " إن أبا سفيانٍ يحب الفخر فاجعل له شيئاً. فقال الرسول : " من دخل دار أبي سفيانٍ فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : " خيراً. أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم ". فقال عليه الصلاة والسلام : " اذهبوا فأنتم الطلقاء".
أتى الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
[عدل] مراجع
^ غزوة فتح مكة alserah.net
^ متى كان فتح مكة ؟ إسلام ويب
^ فتح مكة إسلام ويب
^ أ ب ت أهمية مكة المكرمة ومكانتها الدينية
^ غزوة فتح مكة - التهيؤ للغزوة ومحاولة الإخفاء alserah.net
^ إيثاره صلى الله عليه وسلم المدينة على مكة السيرة، زاد المعاد ،الجزء الثالث
^ غزوة فتح مكة

فتح مكة المكرمة

فتح مكة ويسمى أيضاُ الفتح الأعظم هو حدث تاريخي تم فيه فتح مدينة مكة على يد محمد بن عبد الله في 20 رمضان 8 هـ بعد أن هاجر منها، كانت هجرته للمدينة نواة لتأسيس دولته والعمل على العودة لمكة مجددا.لما كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل، دخلت قبيلة خزاعة في عهد الرسول، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وقد كانت بين القبيلتين حروب وثارات قديمة، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم، فأغاروا عليها ليلاً، فاقتتلوا، وأصابوا منهم، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة، وأخبر النبي بغدر قريش وحلفائها.[3]
وأرادت قريش تفادي الأمر، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة لتجديد الصلح مع المسلمين، ولكن دون جدوى ؛ حيث أمر رسول الله المسلمين بالتهيؤ والاستعداد، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة، كما أمر بكتم الأمر عن قريش من أجل مباغتتها في دارها.
[عدل] أهمية مكة
تعتبر مكة عند المسلمين بيت الله، وهي حرام منذ خلق الله السماوات والأرض، لكن الله أحلها إلى رسوله يوم الفتح: "وإنها أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحدٍ بعدي، فلا ينفّر صيدُها، ولا يختلي شوكها، ولا تَحِلُّ ساقطتها إلا لمنشد، ومن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يفدى وإما أن يقتل ".[4] قال رسول الله عن مكة : " والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجتُ منك لما خَرجتُ.[4]
كما أن الصلاة في المسجد الحرام يضاعف أجرها أضعافاً كثيرة حسب الإسلام، " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة ".[4]
[عدل] الاستعداد
بعدها قام الرسول بتجهيز الجيش للخروج إلى مكة فحضرت جموع كبيرة من قبائل جهينة وبني غفار ومزينة واسد وقيس وبني سليم والأنصار والمهاجرين. وقد دعى الرسول الله قائلا: ‏اللّهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها [5]
وقام ابي حاطب بن أبي بلتعة بكتابة كتاب بعث به إلى قريشٍ مع امرأة، يخبرهم بما عزم عليه رسول الله، وأمرها أن تخفي الخطاب في ضفائر شعرها حتى لا يراها أحدٌ. فإذا الوحي ينزل على رسول الله عليه وسلم بما صنع حاطب، فبعث الرسول علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ليلحقا بالمرأة. وتم القبض عليها قبل أن تبلغ مكة، وعثرا على الرسالة في ضفائر شعرها.
فلما عاتب النبي حاطباً اعتذر أنه لم يفعل ذلك ارتداداً عن دينه، ولكنه خاف إن فشل رسول الله على أهله والذين يعيشون في مكة.
فقال عمر : " يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق ". فقال رسول الله :
" إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وكان حاطب ممن حارب مع رسول الله في غزوة بدر. فعفا عنه.
[عدل] مغادرة الجيش المدينة
وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة إلى مكة، في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة رسول الله بعد أن استخلف على المدينة أبو ذر الغفاري. وصلوا " مر الظهران " قريباً من مكة، فنصبوا خيامهم، وأشعلوا عشرة آلاف شعلة نار. فأضاء الوادي. ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً. وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله قبل أن يدخل مكة.
[عدل] الفتح
دخل رسول الله مكة من أعلاها وهو يقرأ من القرآن : ((إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)).
رجع أبو سفيانٍ مسرعاً إلى مكة، ونادى بأعلى صوته : " يا معشر قريش، هذا محمدٌ قد جاءكم فيما لا قبل لكم به. فمن دخل داري فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن ". فهرع الناس إلى دورهم وإلى المسجد. وأغلقوا الأبواب عليهم وهم ينظرون من شقوقها وثقوبها إلى جيش المسلمين، وقد دخل مرفوع الجباه. ودخل جيش المسلمين مكة في صباح يوم الجمعة الموافق عشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة.
دخل الجيش الإسلامي كل حسب موضعه ومهامه، وانهزم من أراد المقاومة من قريش، ثم دخل رسول الله المسجد الحرام والصحابة معه، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه.
خاف الأنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة، فقال لهم : (معاذ الله، المحيا محياكم، والممات مماتكم).[6]
[عدل] هدم الأصنام وطمس الصور
بعد الطواف بالكعبة أمر بتحطيم الأصنام المصفوفة حولها وكان عددها ثلاثمائة وستون صنماً مثبتة بالرصاص، فجعل يطعنها ويقول : { جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً } الإسراء : 81 [7]
ثم دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، فأمر بها ففتحت.روى الأزرقي أنه "جعلت في دعائمها صور الانبياء وصور الشجر وصور الملائكة.فكان فيها صورة إبراهيم خليل الرحمن شيخ يستقسم بالازلام، فأمر بطمس تلك الصور فطمست...، وصلى بها.ثم خرج وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع، فقال : (يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟) قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم، قال : (فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه : {لا تثريب عليكم اليوم } اذهبوا فأنتم الطلقاء).وأعاد المفتاح ل عثمان بن طلحة، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن.
[عدل] الخطبة
وفي اليوم الثاني قام رسول الله، وألقى خطبته المشهورة، وفيها : (إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة ،لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر، لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد) رواه البخاري.
[عدل] العفو والبيعة
بايع الناس رسول الله، فقد جلس عند قَرْنِ مَسْقَلة فجاءه الناس الصغار والكبار، والرجال والنساء، فبايعوه على الإيمان، وشهادة أن لا إله إلا الله. وفما فرغ النبي من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا، وعمر بن الخطاب قاعد أسفل منه، فبايعهن عنه، وبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئاً، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصينه في معروف.
وهناك تقابل العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان. فأخذه العباس بن عبدالمطلب إلى الرسول. بعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام. وقال العباس : " إن أبا سفيانٍ يحب الفخر فاجعل له شيئاً. فقال الرسول : " من دخل دار أبي سفيانٍ فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : " خيراً. أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم ". فقال عليه الصلاة والسلام : " اذهبوا فأنتم الطلقاء".
أتى الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
[عدل] مراجع
^ غزوة فتح مكة alserah.net
^ متى كان فتح مكة ؟ إسلام ويب
^ فتح مكة إسلام ويب
^ أ ب ت أهمية مكة المكرمة ومكانتها الدينية
^ غزوة فتح مكة - التهيؤ للغزوة ومحاولة الإخفاء alserah.net
^ إيثاره صلى الله عليه وسلم المدينة على مكة السيرة، زاد المعاد ،الجزء الثالث
^ غزوة فتح مكة